رد الإسكندرانية الاعتبار لسمكة البساريا التي أهملوها لفترة طويلة والتي كان المستهلكون يحصلون عليها فوق البيعة مجانا مع أنواع السمك الأخري.
واكتشفوا أن هذه السمكة التي لا يعرفها سوي السواحلية من أفضل أنواع الأسماك المفيدة للصحة رغم رخصها الشديد نظرا لاحتوائها علي عناصر غذائية تقي الإنسان العديد من الأمراض في مقدمتها أمراض القلب لم يكتف علماء الإسكندرية وأهلها باكتشاف قيمة البساريا بل قاموا بتصنيعها لإعادة إنتاجها في صورة بساريا مدخنة بتمليحها وتجفيفها وطبخها لتنافس أرقي أنواع الرنجة المستوردة في قيمتها وفي سعرها لتكون متاحة للجميع بالأسواق مع حلول شم النسيم!
أسباب عديدة دفعت أهل الإسكندرية لإعادة اكتشاف سمكتهم الصغيرة حجما والعظيمة قدرا حيث ارتفعت أسعار الأسماك بصورة مبالغ فيها حيث وصل سعر الأسماك الشعبية منها كالبلطي إلي17 جنيها والسردين إلي12 جنيها أما البساريا فقد استقر سعرها عند خمسة جنيهات وهذا راجع إلي صغر حجمها وعدم تحملها للتداول وسرعة فسادها نتيجة لنشاط الانزيمات الموجودة بأحشائها وارتفاع نسبة الرطوبة بها بنسبة تصل إلي70% بالإضافة إلي عدم دراية المستهلكين من غير أهل السواحل بأهميتها وقيمتها الغذائية المرتفعة, فتلك السمكة الصغيرة التي لا يزيد طولها علي10 ـ15 سم تعتبر منجما حقيقيا للفيتامينات والمعادن الضرورية اللازمة لوقاية جسم الإنسان من العديد من الأمراض.
ويوضح الدكتور علي عبدالنبي, أستاذ ورئيس قسم علوم وتقنية الأغذية بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية, أن سمكة البساريا تحتوي علي نسبة عالية من البروتين الخام تصل إلي نحو65% من وزنها كما تتميز باحتوائها علي نسبة عالية من الدهون تصل إلي23% وكذلك نسب مرتفعة من العناصر المعدنية كالكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والزنك وبنسب منخفضة من بعض العناصر الأخري كالحديد والمنجنيز والأحماض الأمينية والدهنية التي لا يستطيع الجسم تخليقها, كما تفيد في تقليل الكوليسترول الضار بالجسم, وبالتالي فإن تناول البساريا يؤدي لتقليل فرص الإصابة بأمراض القلب المزمنة كتصلب الشرايين كما يساعد تناولها علي الوقاية من هشاشة العظام وتأخر ظهور التجاعيد نظرا لاحتوائها علي عنصري الكالسيوم والزنك ولذلك يوصي للسيدات بضرورة تناولها خاصة في مرحلة انقطاع الطمث.ويضيف الدكتور عبدالنبي كل تلك الفوائد لهذه السمكة الصغيرة جعلتني أعكف أنا ومجموعة من الباحثين بقسم علوم الأغذية بكلية زراعة الإسكندرية علي دراسة تلك السمكة وكيفية تحقيق أقصي استفادة منها وتحويلها إلي صورة جاذبة يسهل تداولها وتجعل المواطنين يقبلون علي شرائها خاصة مع كثرة المعروض منها في الأسواق في فصل الربيع.
وحول نتائج هذه التجارب قال د.عبدالغني نجحنا في إنتاج سمك البساريا في صورة مدخنة تشبه الرنجة وتتميز بطعم رائع وشكل ذهبي جذاب وقد زاد طلب المستهلكين عليها بعد طرحها للبيع بمنافذ البيع بكلية الزراعة بأسعار زهيدة كما أقبلت معظم المطاعم السياحية والفنادق علي شرائها وتقديمها كمقبلات وفاتحات للشهية ضمن قوائم الأطعمة بالمطاعم, كذلك قمنا بتحويل البساريا المدخنة إلي بودرة بعد طحنها وتم إضافتها وبنسب مختلفة إلي منتجات شائعة الاستخدام, ففي كفتة السمك تم إضافة10% من بودرة البساريا إليها في أثناء عجنها, كما أضفنا4% من نفس المسحوق ثم إلي عجينة البيتزا ونفس النسبة تم إضافتها إلي الطحينة و3% لصناعة المايونيز و3% إلي البطاطس, الشيبسي وقد أضفت تلك النسب الضئيلة من بودرة البساريا المجففة طعما رائعا لتلك المنتجات زاد من اقبال المواطنين علي تناولها. ويضيف الدكتور عبدالنبي أنه من خلال التجارب تم التأكد من عدم حدوث أي تغيرات في البساريا المدخنة أو البودرة في أثناء التخزين لفترات وصلت إلي3 أشهر دون أن يحدث بها أي تغيرات تذكر سواء في الطعم أو الشكل.